الجمعة، 19 أبريل 2013
السبت، 13 أبريل 2013
قصة مخطوطات البحر الميت بقمران
ماهي قصة مخطوطات البحر الميت بقمران ؟
في التاسع من أغسطس عام 1947 كان صبيان من بدو التعامرة هما محمد الذيب (10 سنوات( ومحمد حامد (12 سنة) يرعيان الأغنام في خربة قمران،حين عثرا في إحدى الكهوف علي لفائف من الجلد العتيق عليها كتابة ما،وهي المجموعة الأولى لما عُرف فيما بعد بمخطوطات البحر الميت،ولأن الصبيين لا يعرفان القراءة،فقد ذهبا إلى شيخ مسلم في سوق بيت لحم أدرك أن الكتابة سريانية،وأشار إليهما بمراجعة التاجر خليل اسكندر شاهين,الذي اتصل بدوره بالتاجر السرياني جورج شعيا,الذي بادر بإعلام المطران يشوع صموئيل في دير مار مرقص للسريان الأرثوذكس بالقدس القديمة وقد أدرك يشوع صموئيل أن الكتابة سريانية,وإشتراها بمبلغ زهيد،ثم ترك القدس متوجهاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية,وما إن ذاع نبأ اكتشاف هذه المخطوطات حتى بدأت أعمال التنقيب في سفوح التلال المكشوفة على البحر الميت عام 1949 لسنوات عدة كانت بطرق شرعية وغير شرعية وفي عام 1960 تجمع في المتحف الفلسطيني جزء مهم من المخطوطات المكتشفة،وعكف على دراستها مجموعة مهمة من الباحثين منهم العالم الفرنسي الأب رولان ديفو وكانت مؤلفاته حول الموضوع مرجعاً أساسياً،وعالم الآثار الإسرائيلي أهارون كمبيسكي الذي قال: إذا قبلنا بيهودية جماعة قمران،فهذا يعني بطلان اليهودية الحالية . تم إكتشاف ما لا يقل عن600 مخطوط، تقارب أربعين ألف صفحة ووثيقة معظمها باللغة العبرانية القديمة والآرامية وقليل باليونانية،وهي مكتوبة على أوراق البردى وجلد الغزلان والماعز,ويعود زمن تدوينها إلي (200 ق.م : 70م) وهي تحوي علي كل أسفار العهد القديم المعتمدة عند اليهود والنصاري مع الكثير من التحريف,وحوالي ثلثي المخطوطات (خمسة عشر ألف صفحة) هي لكتب غير موجودة بالعهد القديم الأن.
يقول الله تعالى:( وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) الأنعام أية 91 .ويقول تعالى : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ 15 المائدة
أخفيت هذه الكتب من ألفي عام ولم تظهر الا في قمران البحر الميت !!
والأدهى أن أمر إخفاء كتبهم المقدسة لازال يحدث حتي الأن !! مصدقا لقول الله تعالى العالم بالسر وأخفى(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 13المائدة .
عندما ظهرت هذه المخطوطات بدأ المحققون والعلماء بنشرها على هيئة سلسلة منDJD DISCOVERIES IN THE JUDAEAN DESERT )
كان النشر بطيئا جدا ثم حدث ما كان في الحسبان,فقد بدأت السلطات الاسرائلية بمنع الاطلاع على المخطوطات,وبعد كثير من المحاولات سمحت السلطات الاسرائيلية بالاطلاع على المخطوطات فقط لمن تراه مناسبا ليطلع عليها من العلماء المؤهلين من وجهة نظرها !!! وكانوا ثمانية معظمهم من اليهود !! وإشترطوا عليهم ألا يقوم بنشر أي أحد منهم صورة لمخطوطة أو عرض نصها,بل فقط يمكنه نشر استنتاجاته أو ترجمات بعض الفقرات والتي توافق عليها السلطات الإسرائيلية .
هذا إن دل فلا يدل إلا أنهم يخفون وراء هذه المخطوطات ما لا يعلمه الا الله سبحانه وبدأت الكتب تظهر مرة اخرى بالشروط المتفق عليها !! فلا يظهر من المخطوطات شئ الا بإذن السلطات الاسرائيلية . فمما سبق يتضح أن الحصول على بشارة واضحة من المخطوطات يكاد يكون مستحيل !! ولكن بفضل الله الحق ساطع مهما فعلوا والله الموفق .
فالمخطوطات تحوي كتبهم المخفية والثانوية مثل: أخنون وتهاليل ووصايا الآباء الاثنتي عشرة ووصية لاوي إضافة إلي كتب طائفة الإيسينيين وهي (كتاب النظام) ويمثل عقائد هذه الطائفة اليهودية،ولهذا السفر ملحقان: الأول بعنوان (الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلمة)وبالمخطوطات أيضاً مايسمي (وثيقة دمشق) وهي تتتكلم عن شدائد تحيق بمعلم الصلاح,ويُضاف إلى ذلك سفري الوصايا وتراتيل الحمد والشكر وهما محور كتابنا هذا,وهناك بعض المخطوطات التفسيرية لسفر حبقوق والمزامير وفيه ذكر للشدائد التي ستحل بالجيل الأخير,وهناك الكثير من جذاذات ومخطوطات أخري منها مخطوط (لاماك)وهو مكتوب باللغة الآرامية في تسعة عشر عموداً تتضمن تعليمات إدارة الحرب بين أبناء النوروالظلمة,ويقول خبراء الآثار أن هذه المخطوطات تعود أهميتها إلى أنها تحتوي على أقدم نص مدون للتوراة وللديانة اليهودية كشف عن اختلافات جوهرية بينه وبين المعروف منها حالياً .
وهذا هو السر الذي جعل حكومة إسرائيل تعمل على إخفاء الكثير من المخطوطات,بالإضافة لإحتواء المخطوطات أيضاً علي أمر ما سيهدم كل من اليهودية والمسيحية الموجودتان الأن معاً وهو صفات معلم الصلاح المفترض أنه الشخصية المحورية لهذه الطائفة وسيتضح أنه هو المسيح بن مريم مع إنجيله الأول بين طائفته الحوارية وكشف هذا الأمر بالتالي سيظهرهيمنة الإسلام علي كل الأديان السابقة وأنه الدين الحق الخاتم
ولقد أكد إجماع الدارسين وعلماء الآثار على أن تجاراً ومسؤولين ورجال دين قد اشتركوا جميعهم في تهريب الكثير من هذه المخطوطات إلى الإسرائيليين وحين استكملت إسرائيل احتلالها لفلسطين سيطرت على كل محتويات المتحف الفلسطيني المعروف باسم رُكفلر,وهو متحف دولي أُسس في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين،وكان يضم علماء آثار من مختلف بقاع العالم أتوا للتنقيب والدراسات والحفريات,فحين استولت إسرائيل على الضفة الغربية,نقلت المخطوطات إلى متحف إسرائيلي,هو متحف الكتاب المقدس في القدس الغربية الذي أصبح يؤمه الناس من أنحاء العالم الأن لمشاهدة بعض المخطوطات التي سمحت بها السلطات الإسرائيلية .
ولابد هنا أن نبين الحكمة العظيمة من ظهور هذه المخطوطات قدراً بفلسطين التي كانت أرض اليهودية فترة من الزمن,فهذه المخطوطات هي مكتبة لطائفة منهم عاشت أجيالها من قبل المسيح بمائتي عام حتي عاصرت عهده,وظلت بعده بأربعين عام كما هو مذكور في مخطوطاتهم قبل تركهم لهذا المكان,وهي طائفة يهودية متدينة زاهدة مثالية في أخلاقها ومعاملاتها,قد إعتزلت القدس ومدن اليهودية بسبب فسادهم وبعدهم عن شريعة موسي عليه السلام,وأقامت وطن لها بوادي قمران أمام كهوف البرية التي علي شاطئ البحر الميت,وأطلقت علي مكان هجرتها هذا مسمي (دمشق)وإمتدت قري أتباعها ببرية الشام حتي مدينة دمشق التي هي العاصمة السورية الأن,ولما أرسل الله سبحانه المسيح بن مريم أمنوا به وناصروه .
وجعلت الطائفة كهوف قمران مكان مكتبتها الدينية,وتركت هذه المكتبة بهذه الكهوف عندما غادرت أول موطنها بدمشق قمران إلي أخر موطن ببرية دمشق والمعروفة حالياً كماقلنا بدمشق العاصمة السورية,وذلك بسبب نفوذ الجيش الروماني بالمنطقة لقربها من القدس عند حصاره لها وتدميره الهيكل عام 70م .
وظلت هذه المخطوطات المقدسة محفوظة في قوارير ضخمة من الفخار مغطاة لمدة ألفين عام تقريباً,حتي تم العثور عليها قدراً كماذكرنا,والرائع في هذه المعجزة أن هذه المخطوطات ظهرت بين سيطرة محتلين ليسوا من المسلمين إطلاقاً,وذلك حتي تقام الحجة الدامغة علي اليهود والمسيحيين مما سوف تظهره هذه المخطوطات من بشارات بدين الإسلام وأنه الدين الخاتم وماعداه من يهودية ومسيحية هي بقايا أديان سماوية قد تغيرت إلي الوثنية,فبداية ظهور المخطوطات كانت مع المحتل الإنجليزي وتولي أمرها المسيحيين الكاثوليك الأجانب,ثم إنتقلت بعد ذلك للمحتل اليهودي الإسرائيلي,والأروع فيما مضي أن بداية الظهور لهذه المخطوطات كان عام 1947م حينما إدعي اليهود أحقيتهم بأرض فلسطين,وسخروا العالم أجمع لهم من خلال دول الإستعمار المسيحية وإخطبوط الصهيونية العالمية لإقامة هذا الوطن المغتصب,فجائت هذه المخطوطات وهذا الإنجيل المكتشف بهذه الأرض المغتصبة في وقت إعلان قيام دولتهم إسرائيل,ليظهرهم علي حقيقتهم المرعبة في أنهم شر قوم سكنوا هذه الأرض,ولاحق لهم فيها بعد كفرهم وفسادهم .
صراع المخطوطات مع حكومة إسرائيل والفاتيكان
لقد جعل الله سبحانه لليهود رغبة عارمة في الأعلان عن هذه المخطوطات,وذلك لإثبات أن لهم تاريخ قديم بهذه الأرض وأحقية بها من وجهة نظرهم,ولولا هذه الرغبة ماخرجت هذه المخطوطات من رهن الإعتقال إلي النور أبداً بإستثناء القليل منها الذي فر من قبضتهم عند بداية الإكتشاف وتم نشره لقد بدا لهم بعد أربعون عاماً من منع نشرها والإقتراب منها أن يظهروا أجزاء أخري بسيطة من هذه المخطوطات,ولكن مادار بالخفاء في هذه السنيين الطويلة لأمر عظيم سواء علي يد المحتل الإنجليزي المسيحي أوالمحتل اليهودي الإسرائيلي,فقد قال مايكل بيجنت وريتشارد لي في كتابهما الذي صدر بلندن (خداع مخطوطات البحر الميت) عام 1991م أن الإيكول بيبليك المسيطرة علي أعمال اللجنة المسئولة عن المخطوطات تخضع لبابا الفاتيكان مباشرةً,الذي يتدخل في عملية النشر والترجمة,ويمنع مايخالف العقائد المسيحية,وأن هذا الولاء سوف يهدد بضياع المخطوطات والمعلومات التي تتعارض مع الفاتيكان,وظهرت أقوال أخري بأن الفاتيكان والحكومة الإسرائيلية إتفقتا علي ألا تخرج هذه المخطوطات بما يزعزع العالم المسيحي والدولة الإسرائيلية .
لقد أثبتت المخطوطات أن المسيح لم يصلب ولم يقتل كما أخبر القرأن الكريم وأنه بشر وليس إله ولا إبناً لله . ولذا فغالب الظن أن مدة الأربعين سنة هذه قد تم فيها الحذف بتفتييت الجمل والكلمات التي تتعارض مباشرة مع العقائد المسيحية واليهودية,وكذلك بالطبع حذف المواضيع والبشارات التي تصب في صالح النبي الخاتم والدين الإسلامي,وهذا ملاحظ في سياق المخطوطات وتفتيتها في مواضع معينة وسقوط صفحات كاملة أحياناً,ويؤيد ذلك أن معظم المخطوطات إلي الأن ممنوع أن يقترب منه أي أحد مهما كان قدره غير أعضاء اللجنة الإسرائيلية وجلهم يهود,ثم ظهرت حملة إعلامية كبري في عام 1991م في الصحف الأمريكية مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست,تهاجم مجموعة الباحثين المسئولين عن مخطوطات قمران والبحر الميت,وتتهمهم بالإشتراك في مؤامرة يحيكها الفاتيكان لمنع نشر بعض ماورد بنصوص هذه المخطوطات .
وأخيراً بعد أن إنتهوا من تدبير أمرهم مع هذه المخطوطات بحذف وتفتييت المواضع التي تتعارض مع دين أربابهم وطواغيتهم كماسنري,قام البعض من هؤلاء المسؤلين اليهود بترجمة بعض هذه المخطوطات من الأرامية والعبرانية القديمة إلي الإنجليزية وبعض اللغات العالمية الأخري,وكان أشهرها ترجمة غيزا فيرمز وأندريه سومر ثم مؤخراً تم ترجمتها من الإنجليزية إلي العربية علي يد الدكتور سهيل زكار عن غيزا فيرمز ,وقام موسي ديب خوري بترجمة كتاب مخطوطات قمران لأندريه سومر وكانت كلتا الترجمتين منذ بضع سنوات قليلة قبل نهاية القرن العشرين,ولقد إعتمدت في معظم بحثي هذا علي ترجمة الاستاذ الدكتور سهيل زكار عن المترجم غيزا فيرمز المعروفة بعنوان (النصوص الكاملة لمخطوطات البحر الميت لغيزا فيرمز ) .
وتلك الترجمات كلها كانت للمخطوطات التي سمحت بها السلطات الإسرائيلية فقط أو التي تسربت من سلطتها في بداية الإكتشاف,فمعظم ماتم نشره من مخطوطات بعد سماح الحكومة الإسرائيلية لايتعدي واحد بالمائة مما تم الأعلان عنه وقت الإكتشاف علي يد المحتل الإنجليزي عام 1947م,ولقد قامت الحكومة الإسرائيلية بعدة تمثيليات,منها الإيهام بتسرب صور المخطوطات كلها إلي إحدي الجامعات الكندية والتي بدورها أعلنت عنها,ولكن المهتمين بالأمر وجدوا أن الموضوع برمته ماهو إلا تمثيلية حقيرة للسطو علي باقي المخطوطات وعدم الإفصاح عنها,وأصبح معظم المخطوطات مخبأة مابين أرشيف المتحف العبري أمام مبني الكنيست الإسرائيلي وأرشيف مكتبة الفاتيكان,ومحاطة بسرية تامة حتي لاتري النور أبداً .
ولقد قامت بعد ذلك حوارات ومؤتمرات بصدد هذه المخطوطات، كان منها مؤتمر حدثت به مفاجأة عظيمة وبعيدة عن الإتجاه السائد لدي الباحثين المسئولين عن المخطوطات , وهو المؤتمر الشهير الذي عقد في جامعة نيويورك عام 1993م ، بين العالمان الأمريكيان Robert Eiseman أستاذ الأديان في قسم الدراسات الشرقية في جامعة كاليفورنيا والدكتور Michael Wise أستاذ اللغة الآرامية في جامعة شيكاغو
الأستاذ الدكتور Robert Eisenman
وقد قال الأستاذ الدكتور Robert Eisenman - إن الفحص الكربوني لمعرفة تاريخ اللفائف فحص غير دقيق ، ولهذا فإن الفحص بهذه الطريفة لم يستطع أن يعطي تاريخ وثيقة دمشق '' Damascus Document '' ولا تاريخCommunity Rule ، ولم يعط أيضاً تاريخ الوثائق المعروفة باسم: "MMT " وبجانب ذلك فإن من المعلوم أن فحص الكربون لا يعطي نتيجة دقيقة ، ولهذا فلا بد من إعطاء مجال لاحتمال الخطأ من خمسين إلى مائة سنة ، فبعد ذلك تكون النتيجة صحيحة وهي أن اللفائف جاءت بعد الميلاد.
.2- إن صورة عيسى في الأناجيل تختلف عن صورته في لفائف البحر الميت ،فاللفائف تعطي الصورة الحقيقيـة لما حدث في القرنين الأول قبل الميلاد والأول بعد الميـلاد، وإذا قارنا بين محتويات لفائف قمران مع محتويات الأناجيل نجد أن الأناجيل لست تاريخاً، ولكنها شيء آخر، فهي نوع من الرومانسيات اليونانية، ومهما يكن عيسى فلم يكن كالصورة التي وجدناها في الأناجيل، ولكن أقرب بكثير للصورة التي جاءت في لفائف قمران. وصحيح أن المسيحية التي نراها اليوم فهي مسيحية سلام بينما ما ورد في لفائف قمران فإنها تتحدث عن حركة مسيحية مسلحة في فلسطين تدعو إلى الحرب ضد الشر الذي على الأرض، وهذا يتناقض كلياً مع الصورة التي أمامنا عن المسيحية الحالية . وبعد ذلك رد الدكتور Lawrence بغضب وبصوت مرتفع أمام الحضور بقوله:"هذا يعني أنك تنطلق من منطلقات إسلامية، فأنت إذن مسلم ؟"، فرد عليه بغيظ وقال له : "نعم أنا مسلم " .
وهنا يتضح أن معظم القائمين علي هذه المخطوطات من باحثين يهود ومسيحيين قد بذلوا محاولات مضنية للبحث في هذه المخطوطات عن شخصية المسيح التي رسمتها الأناجيل الحالية وطال البحث ولم يجدوه, فليس هناك وصف بهذه المخطوطات لمحاكمة إبن الله وليس هناك ذكر لعملية الصلب والقتل,وليس هناك هذا الإله المتجسد كما تحكي الأناجيل الحالية,وليس هناك قيامة من القبر,وليس هناك دعوة لنشر المسيحية بين العالم كدين عالمي يخص بني إسرائيل وغيرهم .....إلي غير ذلك من إختلافات كثيرة مع مبادئ المسيحية والأناجيل الموجودة الحالية, مما دفع هؤلاء القوم من يهود ومسيحيين قائمين علي ترجمة وفحص هذه المخطوطات إلي القول بعدم وجود ذكر للمسيح وإنجيله بهذه المخطوطات إلا القليل منهم علي إستحياء,وقد تعرضوا لنقد لاذع في جو من السخرية والتهكم,وعلي النقيض قد ذهب بعضهم وشكك في وجود شخصية المسيح التاريخية,مثل (جون أليجرو) وهو بريطاني من جامعة مانشستر وعضو من أعضاء اللجنة الثمانية المسموح لها فقط بالإطلاع علي المخطوطات,وإعتبر هذا أن قصة المسيح برمتها مجرد وهم,وهذا الإعتقاد الأخير فيه جانب من الحق والصدق لإنه بالفعل شخصية المسيح أبن الله المصلوب وخروجه من القبر وغيرها من معالم المسيحية الحالية هي مجرد وهم مخالف للحقيقة,فبالفعل قد تم تزييف التاريخ المسيحي في هذه القصة المهمة
....
ولقد كان قول المسئولين عن المخطوطات مكرر كثيراً بأن الشخصية المحورية التي قامت عليها المخطوطات (معلم الحق والصلاح) كانت قبل الميلاد,وكان لهذا القول تأثير قوي جداً لإبعاد أي محاولات لإثبات أن هذه الشخصية هي بعينها المسيح عيسي بن مريم, لإن ذلك الإثبات سيهدم العقيدة الدينية والسياسية لكيان دولة إسائيل ودولة الفاتيكان ومايتبعهما من تداعيات علي اليهود والمسيحيين في العالم أجمع فشخصية معلم الحق والصلاح تمثل محور المخطوطات وقاعدة وهيكل البناء كله وماعدا ذلك مجرد تفاصيل داخلية وكماليات لهذا الصرح الذي يمثل هذه الطائفة ولذا نجد في أقوال الكثير من هؤلاء المسئولين عن المخطوطات تأكيدهم المتواصل بأن معلم الحق والصلاح كان تاريخ ظهوره قبل الميلاد بقرن أو قرنيين من الزمان أو أنه يمثل أول معلم لهذه الطائفة عند بداية ظهورها قبل الميلاد بمأتي عام,في حين أن قانون الطائفة نفسها الموجود بهذه المخطوطات يبين أن معلم الحق والصلاح هو أخر معلمي هذه الطائفة,ففي الترجمة العربية للاستاذ الدكتور سهيل زكار بالطبعة الأولي نجد في قانون الطائفة بيان للقواعد التي يجب أن يسير عليها معلم الصلاح :
يجب أن تنسق كل معارفه المكتشفه خلال العصور ويقومها مع مبادئ عصره .... عليه أن يخفي تعاليم الشريعة عن رجال الكذب,ولكن عليه أن يفضي بالمعرفة الصحيحة والحكم والعدل لأولئك الذين إختاروا الطريق القويم,وعليه أن يرشدهم إلي كل المعارف حسب روح كل منهم وطبقاً لقوانيين العصر..
قانون الطائفة
إن هذه المواد القانونية عندهم تعني بلاشك أن شخصية معلم الحق والصلاح هي الشخصية الأخيرة التي بعثت من عند الله لبني إسرائيل,لأنه سيقوم بتعديل وتقويم الشريعة والمعارف الدينية لأبناء جيله وطبقاً لمبادئ عصره,وهذا سلوك إيماني سليم فكل نبي سيأتي بوحي من عند الله يعدل به التفاسير الخاطئة والتعاليم الدخيلة علي الشريعة التي أحدثها أحبار بني إسرائيل بالتحريف والتأويل,وهذا بالتالي يعني أن الشخصية المحورية لشريعة وقوانيين الطائفة هي شخصية أخر نبي من أنبياء بني إسرائيل,وهذا سيكون بلاشك وبلا إختلاف المسيح عيسي بن مريم . ثم أنهم قد حددوا أخر وجود لهذه الطائفة في عام 70م وحتي ذلك الوقت لم يبعث الله سبحانه أحد كمجدد ومقوم للشريعة اليهودية من بعد المسيح بن مريم الذي رفعه الله سبحانه للسماء عام 33م علي أرجح تقدير,أضف إلي ذلك أن المخطوطات قد حددت وبينت أن تدمير القدس علي يد الرومان كان بعد أربعين عام من ظهور معلم الحق والصلاح,ممايعني أن التوافق التاريخي أيضاً يثبت أن هذا المعلم هو المسيح بن مريم عليه السلام . فهل البابا يوحنا الثالث والعشرون قد ضحي بنفسه وقتله اليهود ومن حوله عندما قرر الإعتراف إلي العالم بأن المسيح بن مريم هو عبد الله ورسوله وأن الإسلام هو الدين الحق .
الجمعة، 12 أبريل 2013
روح التسامح عند المسلمين
إن روح السماحة التي تبدو في حُسن المعاشرة، ولطف المعاملة، ورعاية الجوار، وسعة المشاعر الإنسانية من البر والرحمة والإحسان - من الأمور التي تحتاج إليها الحياة اليومية، ولا يغني فيها قانون ولا قضاء.
تتجلى هذه السماحة في مثل قول القرآن في شأن الوالدَيْن المشركَيْن اللذيْن يحاولان إخراج ابنهما من التوحيد إلى الشرك: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15].
وفي ترغيب القرآن في البر والإقساط إلى المخالفين الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].
وفي قول القرآن يصف الأبرار من عباد الله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8], ولم يكن الأسير حين نزلت الآية إلا من المشركين.
وفي قول القرآن يجيب عن شبهة بعض المسلمين في مشروعية الإنفاق على ذويهم وجيرانهم من المشركين المُصِرِّين: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَِنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} [البقرة: 272].
وقد روى محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة ومدوِّن مذهبه: أن النبي r بعث إلى أهل مكة مالاً لما قحطوا؛ ليوزَّع على فقرائهم[1]. هذا على الرغم مما قاساه من أهل مكة من العنت والأذى هو وأصحابه.
وروى أحمد والشيخان عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت أمي وهي مشركة, في عهد قريش إذ عاهدوا، فأتيت النبي r فقلت: يا رسول الله، إن أمي قدمت وهي راغبة، أفـأصِلُها؟ قال: "نعم، صِلي أمك"[2].
وفي قول القرآن يبين أدب المجادلة مع المخالفين: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ} [العنكبوت: 46].
وتتجلى هذه السماحة كذلك في معاملة الرسول r لأهل الكتاب يهودًا كانوا أو نصارى، فقد كان يزورهم ويكرمهم، ويحسن إليهم، ويعود مرضاهم، ويأخذ منهم ويعطيهم.
ذكر ابن إسحاق في السيرة: أن وفد نجران -وهم من النصارى- لما قدموا على الرسول بالمدينة، دخلوا عليه مسجده بعد العصر، فكانت صلاتهم، فقاموا يصلون في مسجده، فأراد الناس منعهم، فقال رسول الله r: "دعوهم", فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم.
وعقب المجتهد ابن القيم على هذه القصة في (الهدي النبوي) فذكر ما فيها من الفقه: "جواز دخول أهل الكتاب مساجد المسلمين، وتمكين أهل الكتاب من صلاتهم بحضرة المسلمين، وفي مساجدهم أيضًا، إذا كان ذلك عارضًا، ولا يمكنون من اعتياد ذلك"[3].
وروى أبو عبيد في (الأموال) عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله تصدق بصدقة على أهل بيت من اليهود، فهي تُجْرَى عليهم[4].
وروى البخاري عن أنس: أن النبي عاد يهوديًّا، وعرض عليه الإسلام فأسلم، فخرج وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه بي من النار".
وروى البخاري أيضًا: "أن النبي مات ودرعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله". وقد كان في وسعه أن يستقرض من أصحابه، وما كانوا لِيَضِنُّوا عليه بشيء, ولكنه أراد أن يُعَلِّم أمته.
وقَبِل النبي الهدايا من غير المسلمين، واستعان في سلمه وحربه بغير المسلمين، حيث ضمن ولاءهم له، ولم يخش منهم شرًّا ولا كيدًا.
ومرت عليه جنازة فقام لها واقفًا، فقيل له: إنها جنازة يهودي! فقال عليه الصلاة والسلام: "أليست نفسًا؟".
وتتجلى هذه السماحة كذلك في معاملة الصحابة والتابعين لغير المسلمين, فعمر يأمر بصرف معاش دائم ليهودي وعياله من بيت مال المسلمين، ثم يقول: قال الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60], وهذا من مساكين أهل الكتاب[5].
ويمر في رحلته إلى الشام بقوم مجزومين من النصارى, فيأمر بمساعدة اجتماعية لهم من بيت مال المسلمين.
وأصيب عمر بضربة رجل من أهل الذمة -أبي لؤلؤة المجوسي- فلم يمنعه ذلك أن يوصي الخليفة من بعده, وهو على فراش الموت فيقول: "أوصي الخليفة من بعدي بأهل الذمة خيرًا، أن يوفي بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، وألاَّ يكلفهم فوق طاقتهم"[6].
وعبد الله بن عمرو يوصي غلامه أن يعطي جاره اليهودي من الأضحية، ويكرر الوصية مرة بعد مرة، حتى دهش الغلام، وسأله عن سر هذه العناية بجار يهودي؟ قال ابن عمرو: إن النبي r قال: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"[7].
وماتت أم الحارث بن أبي ربيعة وهي نصرانية، فشيَّعها أصحاب رسول الله [8].
وكان بعض أجلاء التابعين يعطون نصيبًا من صدقة الفطر لرهبان النصارى, ولا يرون في ذلك حرجًا, بل ذهب بعضهم -كعكرمة وابن سيرين والزهري- إلى جواز إعطائهم من الزكاة نفسها.
وروى ابن أبي شيبة عم جابر بن زيد: "أنه سُئل عن الصدقة فيمن توضع؟ فقال: في أهل ملتكم من المسلمين، وأهل ذمتهم"[9].
وذكر القاضي عياض في "ترتيب المدارك" قال: "حدَّث الدارقطني أن القاضي إسماعيل بن إسحاق[10] دخل عليه الوزير عبدون بن صاعد النصراني وزير الخليفة المعتضد بالله العباسي، فقام له القاضي ورحب به, فرأى إنكار الشهود لذلك، فلما خرج الوزير قال القاضي إسماعيل: قد علمت إنكاركم، وقد قال الله تعالى: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} [الممتحنة: 8]، وهذا الرجل يقضي حوائج المسلمين، وهو سفير بيننا وبين المعتضد, وهذا من البر"[11].
وتتجلى هذه السماحة بعد ذلك في مواقف كثير من الأئمة والفقهاء، في الدفاع عن أهل الذمة، واعتبار أعراضهم وحرماتهم كحرمات المسلمين، وقد ذكرنا مثلاً لذلك: موقف الإمام الأوزاعي، والإمام ابن تيمية.
ونكتفي هنا بكلمات نيرة للفقيه الأصولي المحقق شهاب الدين القرافي شارحًا بها معنى البر الذي أمر الله به المسلمين في شأنهم, فذكر من ذلك: الرفق بضعيفهم، وسد خلة فقيرهم، وإطعام جائعهم، وكساء عاريهم، ولين القول لهم -على سبيل اللطف لهم والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة, واحتمال إذايتهم في الجوار -مع القدرة على إزالته- لطفًا منا بهم، لا خوفًا ولا طمعًا، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من أهل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم، في دينهم ودنياهم، وحفظ غيبتهم، إذا تعرض أحد لأذيتهم، وصون أموالهم وعيالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يعانوا على دفع الظلم عنهم، وإيصالهم إلى جميع حقوقهم... إلخ[12].
مما راق لي
......................................
المصدر: كتاب "غير المسلمين في المجتمع الإسلامي" للدكتور يوسف القرضاوي.
[1] شرح السير الكبير 1/144.
[2] تفسير ابن كثير 4/349.
[3] زاد المعاد جـ3 ط. مطبعة السنة المحمدية.
[4] الأموال ص613.
[5] أبو يوسف: الخراج ص26، انظر: كتابنا "فقه الزكاة" 2/705، 706.
[6] أخرجه البخاري في الصحيح، ويحيى بن آدم في الخراج ص74، والبيهقي في السنن 9/206 باب الوصاة بأهل الكتاب.
[7] القصة رواها أبو داود في كتاب الأدب من سننه، والترمذي في البر والصلة، والبخاري في الأدب المفرد رقم (128). أما الحديث المرفوع فهو متفق عليه.
[8] انظر: فقه الزكاة السابق.
[9] ذكر ذلك ابن حزم في المحلى 5/117.
[10] من أعلام المالكية وقاضى بغداد، توفي سنة 282هـ. انظر ترجمته في "ترتيب المدارك" 3/166-181. ط. دار الحياة ببيروت, تحقيق الدكتور أحمد بكير محمود.
[11] المرجع السابق ص174.
[12] الفروق 3/15.
السبت، 6 أبريل 2013
سورة الحمد من قصار السور لكنها أم الكتاب وأعظم سوره.
تضمنت خلاصة وجيزة لعقائد الإسلام، وعهدا وثيقا بين الناس وربهم يحقق رسالتهم في الوجود، ورجاء في الله أن يهدى الطريق ويمنح التوفيق وينعم الرضا.
ولننظر في الآية الأولى * الحمد لله رب العالمين* الحمد لفظ تلتقي فيه معان ثلاثة، فهو ثناء يكشف عن أمجاد الذات العليا من جلال وجمال وكمال، وهو مديح على ماننال من عطاء ونعماء جاد بها ولى النعم، وهو شكر يقابل الخير النازل والفضل المسدى.
وعندما نصبح فنقول * الحمد لله الذي أحيانا من مماتنا وإليه النشور* فنحن نثنى ونمدح ونشكر.
و* رب العالمين* سيد العوالم كلها من العرش إلى الفرش، من السماء إلى الأرض، من الحيوان إلى النبات، من الملائكة إلى البشر.
والعالم ماعدا الله من خلق، وماعدا الله مربوب له فقير إليه، نعم كل ماعدا الله عبد له، صنيعة نعمته* فلله الحمد رب السموات ورب الأرض ورب العالمين وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
* الرحمن الرحيم *نحن في رحمته نعيش، والرحمة والعلم يسعان كل شيء، ولولا أن الله غفور رحيم لفتكت بنا معاصينا وقضى علينا جحودنا وطغياننا.* مالك يوم الدين * المقصود بالدين الجزاء، وهو بداية العالم الآخر، والعالم الآخر هو المقابل لعالمنا المعاصر.
والحضارة المادية المسيطرة على الحياة الآن قلما تذكره، بل لعلها ترى من الهزل ذكره، وهى تتعمد نسيانه في ميادين التربية والتشريع والسياسة الدولية والمحلية مع أنه الحقيقة العظمى الأجدر بالرعاية والحساب.
*إياك نعبد وإياك نستعين* نعبدك وحدك بالله، ونستعين بك لا بغيرك، فكل غير محتاج إليك، كما جاء في السنة * اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"»وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله *.
* اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم * الخط المستقيم أقصر طريق بين نقطتين، ولذلك لا يتعدد، ومن استقام اهتدى إلى الله ودين الله واحد، بلغة الأنبياء على اختلاف الأعصر والأمصار، أساسه إله واحد، له الولاء والثناء، يفتقر إليه أهل الأرض وأهل السماء.
* غير المغضوب عليهم ولا الضالين * على الإنسان أن يكون صائب الفكر صادق النظر، فإذا اهتدى إلى الحق فعليه أن يعمل به ويتواضع لربه، ويرفق بعباده.
هذه السورة فرض الله قراءتها في جميع الصلوات، لتكون مناجاة متجددة مقبولة بين الناس ورب الناس، فهي حقائق علمية، وفى الوقت نفسه، ضراعة عبد يطلب رضا مولاه
ونحن نكرر الدعاء لأنفسنا، كما نكرر غسل أعضائنا، لأن أسباب هذا التكرار قائمة، فالجسم الإنساني لا يكفى في تطهيره أن يغسل مرة أو مرتين، لابد من تكرار الغسل مدى الحياه !والطبع البشرى لا تصقله دعوة أو دعوتان لابد من تكرار الوقوف بين يدى الله لأن رعونات النفس ووساوس الشيطان لا تنتهى، فلابد من تكرار الدعاء واستدامة التضرع * إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا * وهكذا في سطور قلائل تم تصوير العلاقة الوحيدة الممكنة بين الناس ورب الناس" الاعتراف به والثناء عليه والاستعداد للقائه والتعهد بعبوديته ثم الرجاء إليه أن يجعلنا كما يحب "
للشيخ محمد الغزالي رحمه الله
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)