حديث لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى-: وروى حديث عبيد الله بن أبي رافع؛ عن أبيه قال: قال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-: « لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يبلغه الأمر عني فيقول: لم أجد هذا في كتاب الله عز وجل. »1
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: هذا الحديث ذكره المؤلف في هذا الباب؛ ( باب الحث على التمسك بكتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وترك البدع، وترك النظر والجدل فيما يخالف الكتاب والسنة ) هذا الباب عقده المؤلف في هذه الأمور الثلاثة: الحث على التمسك بالكتاب والسنة، وترك البدع، وترك النظر والجدل فيما يخالف الكتاب والسنة وأقوال لصحابة.
هذا الحديث هو حديث عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « لا ألفين أحدكم متكئا في أريكته يبلغه الأمر عني فيقول: لم أجد هذا في كتاب الله »1 النبي -صلى الله عليه وسلم- يحذر من ترك العمل بالسنة، يقول: « لا ألفين أحدكم »1 لا أجدن أحدكم،« متكئا في أريكته »2 يعني على كرسيه أو على سريره، « يبلغه الأمر عني »2 يعني عن النبي -صلى الله عليه وسلم- « فيقول: لم أجد هذا في كتاب لله »2 فلا يعمل به، وفي اللفظ الآخر: « ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه »3 .
هذا الحديث رواه الآجري في الشريعة، ورواه أبو داود، والترمذي، والطبراني في الكبير، والحاكم، وابن عبد البر في التمهيد، والبغوي في شرح السنة، واللالكائي في شرح الاعتقاد من طريق سفيان عن أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال البغوي: هذا حديث حسن، وقال الألباني في تخريج المشكاة: وإسناده صحيح كما ذكر المحقق وفقه الله.
قالوا: وفي الحديث رد على من شغب من أهل الأهواء، دليل على من جادل من أهل الأهواء والبدع وادعى الاستغناء بالقرآن عن السنة، مثل الطائفة الذين يتسمون بالقرآنيين، وغيرهم ممن سار على نهجهم، فطائفة يسمون أنفسهم القرآنيين؛ يزعمون أنهم لا يعملون إلا بالقرآن، لا يعملون بالسنة، وهؤلاء في الحقيقة مبتدعة، وهم كاذبون في قولهم لا يعملون إلا بالقرآن، لو كانوا صادقين في عملهم بالقرآن لعملوا بالسنة، لأن الله أمر في القرآن بالعمل بالسنة قال الله تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾4 وقال: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾5 وقال: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾6 فهم كذبة في قولهم إنهم يعملون بالقرآن.
وهناك رسالة للشيخ الألباني تسمى منزلة السنة في الإسلام، وبيان أنه لا يستغنى عنها بالقرآن. وهؤلاء، وحقيقة أمر هؤلاء عندي ليست هي الدعوة إلى القرآن والتمسك به، وإنما هي الدعوة إلى البدع والأهواء؛ ولهذا جاء عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: « إنكم ستجدون أقواما يزعمون أنهم يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم؛ فعليكم بالعلم وإياكم والتبدع، وإياكم والتنطع، وإياكم والتعمق، وعليكم بالعتيق »7 رواه الدارمي وابن وضاح والمروزي في السنة.
فهذا الحديث فيه رد على هؤلاء الطائفة الذين يزعمون أنهم لا يعملون إلا بالقرآن ويسمون أنفسهم بالقرآنيين، الرسول- صلى الله عليه وسلم- يقول: « لا ألفين أحدكم -لا أجدن أحدكم- متكئا في أريكته -على سريره أو على كرسيه- يبلغه الأمر عني فلا يعمل به؛ فيقول: لم أجد هذا في كتاب الله، وأنا لا أعمل إلا بكتاب الله »1 هذا رد عليه، نعم. تحذير منه.