بعثه الله على رأس أربعين وهي سن الكمال . قيل : ولها تبعث الرسل ،
( وأول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر النبوة الرؤيا ، فكان لا يرى رؤيا إلا - ص 83 - جاءت مثل فلق الصبح ) . قيل : وكان ذلك ستة أشهر ، ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة ، فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، والله أعلم . ثم أكرمه الله تعالى بالنبوة ، فجاءه الملك وهو بغار حراء ، وكان يحب الخلوة فيه ، فأول ما أنزل عليه ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] هذا قول عائشة والجمهور .
وقال جابر : أول ما أنزل عليه ( ياأيها المدثر ) .
والصحيح قول عائشة لوجوه :
أحدها : أن قوله : ما أنا بقارئ ، صريح في أنه لم يقرأ قبل ذلك شيئا .
الثاني : الأمر بالقراءة في الترتيب قبل الأمر بالإنذار ، فإنه إذا قرأ في نفسه أنذر بما قرأه ، فأمره بالقراءة أولا ، ثم بالإنذار بما قرأه ثانيا .
الثالث : أن حديث جابر ، وقوله : أول ما أنزل من القرآن ( ياأيها المدثر ) قول جابر ، وعائشة أخبرت عن خبره صلى الله عليه وسلم عن نفسه بذلك .
- ص 84 -الرابع : أن حديث جابر الذي احتج به صريح في أنه قد تقدم نزول الملك عليه أولا قبل نزول ( ياأيها المدثر ) فإنه قال : فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء ، فرجعت إلى أهلي فقلت : زملوني دثروني ، فأنزل الله ( ياأيها المدثر ) وقد أخبر أن الملك الذي جاءه بحراء أنزل عليه ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) فدل حديث جابرعلى تأخر نزول ( ياأيها المدثر ) والحجة في روايته لا في رأيه ، والله أعلم .
المصدر " كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد " بتصريف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق