الاثنين، 31 ديسمبر 2012

شهادة غير المسلمين على صدق نبوة الرسول (2)


شهادة قريش لرسول الله

بل وقد اعترفت قريش بسائر بطونها بأنه صادق أمين، وهو أمر لا يستقيم لأيِّ أحد من الناس أن تجتمع القبيلة بكاملها على صدقه وأمانته، رغم الاختلافات الاجتماعية والنفسية بين أفرادها الكثيرين؛ ففي يوم من الأيام "خرج رسول الله  حتَّى أتى الصَّفَا، فصَعِدَ عليه فهتف: "يَا صَبَاحَاهُ"... فَلَمَّا اجتمعوا إليه قال: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟" قالوا: ما جَرَّبنا عليك كذبًا. قال: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ". فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك! مَا جَمَعْتَنَا إِلاَّ لِهَذَا؟..."[15].
إن قريشًا كلَّها قد شهدت واعترفت بصدق محمد ، فلمَّا أخبرهم بحقيقة دعوته ورسالته، نَكَصُوا على أعقابهم[16]؛ تقليدًا لآبائهم، وخوفًا على مناصبهم وتجارتهم وأموالهم، فكان هذا الموقف -وغيره من المواقف الكثيرة بين رسول الله  وبين كفار قريش- دليلاً يحمل في طَيَّاته اعترافًا منهم بصدقه، ومن ثَمَّ صِدْق دعوته ونُبُوَّتِهِ.

اعتراف زعماء يهود بصدق نبوة محمد

كما اعترف زعماء اليهود بصدق نبوة محمد ، وهذا ما تقصه أم المؤمنين صفية بِنْتِ حُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ زعيم يهود بني قريظة فتقول: "كنت أحبّ ولد أبي إليه وإلى عمِّي أبي ياسر، لم ألقهما قط مع ولدٍ لهما إلاَّ أخذاني دونه. قالت: فلما قَدِمَ رسول الله  المدينة، ونزل قُبَاء في بني عمرو بن عوفٍ، غدا عليه أبي، حيي بن أخطب، وعمِّي أبو ياسر بن أخطب، مُغَلّسَيْنِ[17]. قالت: فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس. قالت: فأتيا كالّين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى. قالت: فَهَشِشْتُ إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما التفتَ إليَّ واحدٌ منهما، مع ما بهما من الغمِّ. قالت: وسمعت عمِّي أبا ياسر وهو يقول لأبي حيي بن أخطب: أهو هو[18]؟ قال: نعم والله! قال: أَتَعْرِفُهُ وَتُثْبِتُهُ؟ قال: نعم. قال: فما في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيتُ"[19].

اعتراف نصارى نجران بنبوة محمد

وما أجمل أن نختم مقالنا هذا باعتراف نصارى نجران بنبوة محمد  عندما رفضوا مباهلة[20] رسول الله  الذي امتثل لقوله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ[آل عمران: 61]؛ فخرج إليهم رسول الله  ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة، ودعاهم للمباهلة فقالوا: يا أبا القاسم، دَعْنَا ننظر في أمرنا، ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه. فانصرفوا عنه، ثم خَلَوْا بالعاقب، وكان ذا رأيهم، فقالوا: يا عبدَ المسيح، ماذا ترى؟ فقال: والله يا معشر النصارى لقد عرَفْتم أن محمدًا لنبيٌّ مرسل، ولقد جاءكم بالفَصْل من خَبَر صاحبكم[21]، ولقد علمتم أنه ما لاعَن قومٌ نبيًّا قط فبقي كبيرهم، ولا نبت صَغيرهم، وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم، والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعُوا الرجلَ ثم انْصَرِفُوا إلى بلادكم[22].
المراجع
[15] البخاري عن ابن عباس: كتاب التفسير (4687)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ" (208).
[16] نَكَصَ على عقبيه: رجع عما كان عليه من الخير، ولا يقال ذلك إلاَّ في الرجوع عن الخير خاصَّة. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة نكص 7/101.
[17] الغَلَس: ظلام آخر الليل. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة غلس 6/156.
[18] يقصد بذلك رسول الله .
[19] ابن هشام: السيرة النبوية 1/517.
[20] المباهلة: الملاعنة، يقال: باهَلْت فلانًا أَي لاعنته. ومعنى المباهلة أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا: لعنةُ الله على الظالم منا. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة بهل 11/71.
[21] يقصد عيسى .
[22] انظر: ابن هشام: السيرة النبوية 1/584.

قلت لرجل تعوّد شرب الخمر : ألا تتوب إلى الله ؟



قلت لرجل تعوّد شرب الخمر :
ألا تتوب إلى الله ؟
...
فنظر إلىّ بانكسار، ودمعت عيناه، وقال :
ادع الله لي ..
تأملت في حال الرجل، ورقَّ قلبي ..
إن بكاءه شعور بمدى تفريطه في جنب الله ..
وحزنه على مخالفته، ورغبته في الاصطلاح معه ،
إنه مؤمن يقينا، ولكنه مبتلى!
وهو ينشد العافية ويستعين بيَ على تقريبها ..

قلت لنفسي :
قد تكون حالي مثل حال هذا الرجل أو أسوأ
صحيح أنني لم أذق الخمر قط،
فإن البيئة التي عشت فيها لا تعرفها ،
لكنّي ربما تعاطيت من خمر الغفلة ما جعلني
أذهل عن ربي كثيراً وأنسى حقوقه ،
إنه يبكي لتقصيره،
وأنا وأمثالي لا نبكي على تقصيرنا،
قد نكون بأنفسنا مخدوعين .
وأقبلت على الرجل الذي يطلب مني الدعاء ليترك الخمر ،

قلت له تعال ندع لأنفسنا معا :
"ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين"
..................................
الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله

الأحد، 30 ديسمبر 2012

شهادة غير المسلمين على صدق نبوة الرسول (1)




لم يشهد بصدق محمد  أحبابه ولا المؤمنون به فقط، بل شهد له من حاربه السنوات الطوال، فقلوب هؤلاء زعماء الكفر في مكة ومَنْ حولها من الأعراب كانت موقنة بأن محمدًا رسول الله صادقٌ غيرُ كذوب؛ فقد عايشوه أربعين عامًا قبل الرسالة، فلم يعهدوا عليه كَذِبًا، أو خيانة، أو سوءًا في الخُلق أو المعاملة، ولكنهم لم يؤمنوا به لمصالح خاصة عندهم.
وعندما مَنَّ الله على رسوله ، واصطفاه للقيام بأمر الدعوة إليه I، فقام يدعو الناس في السرِّ والعلن؛ فإذا بالقوم ينقلبون على أعقابهم؛ فكَذَّبُوا رسالته، وعَذَّبوا أصحابه، حتى أُخرج من مكة مُكْرَهًا، بعدما تآمروا على قتله.

شهادة أبي سفيان بن حرب

ومع كل هذا العنت والمشقَّة والتعذيب والتنكيل إلاَّ أن أعداءه قد شهدوا بصدق دعوته في مواطن كثيرة؛ وخير شاهد على ذلك حديث أبي سفيان بن حرب -الذي كان معاديًا لرسول الله  في أول الأمر- مع هرقل عظيم الروم، فقد روى عبد الله بن عباس أن أبا سفيان بن حرب قد أخبره "أن هرقل أرسل إليه في ركبٍ من قريش، وكانوا تُجَّارًا بالشام في المدَّة[1]التي كان رسول الله  مادَّ[2] فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأَتَوْهُ وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه، فقال: "أيُّكُمْ أقرب نسبًا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلتُ: أنا أقربهم نسبًا. فقال: أدنوه منِّي، وقَرِّبُوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره[3]. ثم قال لترجمانه: قُلْ لهم: إني سائل عن هذا الرجل، فإن كَذَبَنِي فكَذِّبوه. فوالله! لولا الحياء من أن يَأْثِرُوا عليَّ كذبًا لَكَذَبْتُ عنه[4].
ثم كان أوَّل ما سألني عنه أن قال: كيف نسبُه فيكم؟ قلتُ: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قطُّ قبله؟ قلتُ: لا. قال: فهل كان من آبائه من مَلِكٍ؟ قلتُ: لا. قال: فأشراف الناس يَتَّبِعُونَهُ أم ضعفاؤهم؟ فقلتُ: بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلتُ: بل يزيدون. قال: فهل يرتدُّ أحد منهم سَخْطَةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلتُ: لا. قال: فهل كنتم تَتَّهِمُونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلتُ: لا. قال: فهل يَغْدِر؟ قلتُ: لا، ونحنُ منه في مدَّة لا ندري ما هو فاعل فيها. قال: ولم تُمْكِنِّي كلمة أُدْخِلُ فيها شيئًا غير هذه الكلمة[5]. قال: فهل قَاتَلْتُمُوهُ؟ قلتُ: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إيَّاه؟ قلتُ: الحرب بيننا وبينه سجال[6]؛ ينال مِنَّا وننال منه. قال: ماذا يأمركم؟ قلتُ: يقول: اعبدوا الله وحده، ولا تُشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.
فقال للترجمان: قُلْ له: سألتُكَ عن نَسبه فذكرتَ أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تُبْعَث في نسب من قومها، وسألتُكَ: هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرت أن لا، فقلتُ: لو كان أحدٌ قال هذا القول قبله لقلتُ: رجلٌ يَتَأَسَّى بقول قيل قبله، وسألتُكَ: هل كان من آبائه من مَلِك؟ فذكرتَ أن لا، قلتُ: فلو كان من آبائه مِنْ مَلِكٍ قلتُ: رجل يطلب مُلْكَ أبيه. وسألتُكَ: هل كنتم تَتَّهِمُونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرتَ أن لا؛ فقد أعرِفُ أنه لم يكن ليذرَ الكذب على الناس ويكذب على الله. وسألتُكَ: أشرافُ الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرتَ أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسُل، وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرتَ أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتمَّ، وسألتُكَ: أَيَرْتَدُّ أحد سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرتَ أن لا، وكذلك الإيمان حين تُخَالِط بشاشته القلوب[7]، وسألتُكَ: هل يَغْدِر؟ فذكرتَ أن لا، وكذلك الرُّسل لا تغدر، وسألتُكَ: بما يأمركم؟ فذكرتَ أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقًّا فسيملك موضع قَدَمَيَّ هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظنُّ أنه منكم، فلو أنِّي أعلم أَنِّي أَخْلُصُ[8] إليه لَتَجَشَّمْتُ[9] لقاءه، ولو كنت عنده لغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ[10]..."[11].
وفي هذا دليلٌ واضحٌ على صدق نُبُوَّة محمد ، فكلُّ ما أخبر به أبو سفيان واقعٌ قد رآه بعينه، وعايشه بعقله وجوارحه.

شهادة أبي جهل لعنه الله

ولم تكن شهادة أبي سفيان بن حرب الشهادةَ الوحيدة من عَدُوٍّ عاصر رسول الله  فأنصفه، ولا من هرقل الذي يتزعم دولة كبيرة حاربت المسلمين ردحًا من الزمن، بل كانت هناك شهادات من أعداء آخرين لا يَقِلُّونَ عداوة لرسول الله عنهما، بل يُعَدُّون من أكثر أعداء رسول الله  كُرْهًا له، وحَنَقًا عليه، وسعيًا لقتله ومحوه من بين ظهرانيهم.. إنه أبو جهل الذي بلغت عداوته لرسول الله  الذروة؛ فهو الذي أَصَرَّ على إشعال نيران الحرب بين الكافرين والمسلمين في غزوة بدر، وَجَرَّه كِبْرُه وجبروته لحتفه ومصرعه.
لقد شهد هذا العدُوُّ لرسول الله  بالصدق والنُّبُوَّة؛ فقد سأل المِسْوَرُ بن مخرمة خاله أبا جهل عن حقيقة محمد ، إذ قال: "يا خالي، هل كنتم تَتَّهِمُون محمدًا بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فقال: يابن أختي، والله! لقد كان محمد  فينا وهو شابٌّ يُدْعَى الأمين، فما جَرَّبْنَا عليه كذبًا قطُّ. قال: يا خال، فما لكم لا تَتَّبِعُونه؟ قال: يابن أختي، تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف، فأَطْعَمُوا وأَطْعَمْنَا، وسَقَوْا وسَقَيْنَا، وأجاروا وأجرنا، حتى إذا تجاثينا[12] على الرُّكَبِ كُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ[13]، قالوا: مِنَّا نبي. فمتى نُدْرِكُ مثل هذه؟!
وقال: الأخنسُ بن شُريق يومَ بدر لأبي جهل: يا أبا الحكم، أَخْبِرْنِي عن محمد؛ أصادقٌ هو أم كاذب؟ فإنه ليس ها هنا من قريش أحدٌ غيري وغيرك يسمع كلامنا. فقال أبو جهل: ويحك! والله إن محمدًا لصادقٌ، وما كذب محمدٌ قطُّ، ولكن إذا ذهبتْ بنو قُصَيٍّ باللواء والحجابة والسقاية والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟"[14].
إن الاعترافين السَّابقين لأبي جهل -وهو العدُوُّ الأوَّل للدعوة الإسلامية- لدليلٌ واضح على صدق نُبُوَّة محمد ؛ فأبو جهل لا يُنازِع محمدًا اعتقادًا منه بأنه كاذب أو مُدَّعٍ، بل يُنازعه لأجل عصبية زائفة، تجعل الاعتراف بمحمد ونُبُوَّتِه أمرًا بالغ الصعوبة والتعقيد؛ إذ الاعتراف بنُبُوَّته سيجعل كفَّة بني هاشم راجحةً قويةً على سائر بطون قريش، وهو الأمر الذي يرفضه أبو جهل رفضًا قاطعًا.
المراجع
[1] المدة: يعني مدة الصلح بالحديبية، وكانت في سنة ست من الهجرة، وكانت مدتها عشر سنين. انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 1/34، والنووي: المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 12/103.
[2] مادَّ فيها أبا سفيان: أي جعل بينه وبينه مدة صلح. انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 1/186.
[3] فاجعلوهم عند ظهره: أي: لئلاَّ يستحيوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب. انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 1/35، والنووي: المنهاج 12/104.
[4] يأثروا عليَّ كذبًا أي: ينقلوا عليَّ الكذب لكذبت عليه... وفيه دليل على أنهم كانوا يستقبحون الكذب؛ إمَّا بالأخذ عن الشرع السابق، أو بالعرف. انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 1/35، والنووي: المنهاج 12/104.
[5] أي: أنتقصه به، على أن التنقيص هنا أمر نسبي، وذلك أن من يقطع بعدم غدره أرفع رتبة ممن يجوِّز وقوع ذلك منه في الجملة. انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 1/35.
[6] سجال: أي: نُوَب، نوبة لنا ونوبة له. وينال أي: يصيب. فكأنه شبَّه الْمُحَارِبِينَ بِالْمُسْتَقِينَ: يستقي هذا دلوًا وهذا دلوًا. وأشار أبو سفيان بذلك إلى ما وقع بينهم في غزوة بدر وغزوة أحد. انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 1/36، والنووي: المنهاج 12/105.
[7] تخالط بشاشته القلوب: يعني انشراح الصدور، وأصلها اللطف بالإنسان عند قدومه. انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 1/37، والنووي: المنهاج 12/106.
[8] أخلُص أي: أصل، يقال: خلص إلى كذا أي وصل. انظر: ابن حجر: فتح الباري 1/37.
[9] لتجشَّمْتُ أي: تَكَلَّفْتُ الوصول إليه، ولكني أخاف أن أُقْتَطَعَ دونه. انظر: ابن حجر: فتح الباري 1/37، والنووي: المنهاج 12/107.
[10] لغسلتُ عن قدميه: مبالغة في العبودية له والخدمة. وفي اقتصاره على ذِكْرِ غسل القدمين إشارة منه إلى أنه لا يطلب منه -إذا وصل إليه سالمًا- لا ولاية ولا منصبًا، وإنما يطلب ما تحصل له به البركة. انظر: ابن حجر: فتح الباري 1/37.
[11] البخاري: كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله  (7)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبي إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام (1773).
[12] تجاثينا: أي جلسنا على الرُّكب للخصومة. وفي الروض الأنف: تجاذينا على الركب: وقع في الجمهرة الجاذي: المقعي على قدميه. قال: وربما جعلوا الجاذي والجاثي سواء. انظر: السهيلي: الروض الأنف 3/110، وانظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة جثا 14/131، ومادة جذا 14/136.
[13] كَفَرَسَيْ رِهَانٍ: يُضرب للمتساويين في الفضل، وقيل: للمتناصبين. انظر: الضبي: الأمثال 1/11.
[14] ابن القيم: هداية الحيارى ص50، 51.

السبت، 29 ديسمبر 2012

الشيخ الشعراوي وسؤال هل تفجير ملهى ليلي في إحدى الدول المسلمة حلال أم حرام ؟



كنت أناقش أحد الشباب المتشددين فسألته: هل تفجير ملهى ليلي في إحدى الدول المسلمة حلال أم حرام ؟
فقال لي : طبعا حلال وقتلهم جائز .
فقلت له : لو أنك قتلتهم وهم يعصون الله ما هو مصيرهم ؟
قال : النار طبعاً ..
فقلت له : الشيطان أين يريد أن يأخذهم ؟
فقال: إلى النّار طبعاً
فقلت له : إذن تشتركون أنتم والشيطان في نفس الهدف وهو إدخال النّاس إلى النار !
وذكرت له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا مرّت جنازة يهودي أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يبكي فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟؟ قال : نفس أفلتت منّي إلى النار
فقلت : لاحظ الفرق بينكم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى يسعى لهداية الناس وإنقاذهم من النار
أنتم في واد والحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في واد !!!

الجمعة، 28 ديسمبر 2012

الشيخ الشعراوي رحمه الله و معنى ان المرأه ناقصات عقل ودين


عندما سئل فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله
عن معنى ان النساء ناقصات
عقل ودين ... فكانت هذه اجابة فضيلته :

ما هو العقل أولاً ؟

العقل من العقال ، بمعنى أن تمسك الشيىء وتربطه ، فلا تعمل كل ما تريد ..

فالعقل يعني أن تمنع نوازعك من الانفلات ، ولا تعمل إلا المطلوب فقط ..

إذن فالعقل جاء لعرض الآراء ، واختيار الرأي الأفضل . وآفة اختيار الآراء

الهوى والعاطفة ، والمرأة تتميز بالعاطفة .. 
وهذا أمر مطلوب لمهمة المرأة ..

إذن فالعقل هو الذي يحكم الهوى والعاطفة ، وبذلك فالنساء ناقصات عقل ،

لأن عاطفتهن أزيد ، فنحن نجد الأب عندما يقسو على الولد ليحمله على منهج

تربوي فإن الأم تهرع لتمنعه بحكم طبيعتها . والانسان يحتاج إلى الحنان ،

والعاطفة من الأم ، وإلى العقل من الأب ..

وأكبر دليل على عاطفة الأم تحملها لمتاعب الحمل والولادة والسهر على رعاية

طفلها ، ولا يمكن لرجل أن يتحمل ما تتحمله الأم ونحن جميعاً نشهد بذلك .

أما ناقصات دين فمعنى ذلك أنها تعفى من أشياء لا يعفى منها الرجل أبداً .

فالرجل لايعفى من الصلاة ، وهي تعفى منها في فترات شهرية . .

والرجل لايعفى من الصيام بينما هي تعفى كذلك عدة أيام في الشهر . .


والرجل لا يعفى من الجهاد والجماعة وصلاة الجمعة . .

 وبذلك فإن مطلوبات المرأة الدينية .. أقل من المطلوب من الرجل ..

وهذا تقدير من الله سبحانه وتعالى لمهمتها وطبيعتها .وليس لنقص فيها ،

ولذلك حكم الله سبحانه وتعالى فقال :

{ للرجال نصيب مما كسبوا ، وللنساء نصيب مما اكتسبن } [ سورة النساء : 32 ]

الأحد، 23 ديسمبر 2012

قال ابن عثيمين رحمه الله :(( أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ...





قال ابن عثيمين رحمه الله :(( أن من هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الكتابة إلى الملوك ، وأن لا يحقر الإنسان نفسه ، يكتب إلى الملك بما يرى أنه حق ، سواءا كان من ملك بلاده أو من ملوك آخرين ، يكتب إلى ما يرى أنه حق ولا يحقرن شيئا ، فربّ كلمة وقعت في قلب سامعها أو قارئها فينفع الله بها ، وها هو موسى عليه الصلاة السلام إجتمع عليه الخلق والسحرة وجُمعوا له في يوم الزينة يوم العيد ، فلما اجتمعوا قال كلمة واحدة قال ((ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى)) ، هذه الكلمة صارت بمنزلة القنبلة (( فتنازعوا أمرهم بينهم )) والأمة إذا تنازعت حل بها الفشل (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين )) ولهذا آمن السحرة ، آمنوا بموسى فكانوا في أول النهار كفرة سحرة وصاروا في آخر النهار مؤمنين بررة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء )) اهـ.

السبت، 22 ديسمبر 2012

اللغة... يجب ان تكون بالعربي



انطلقت في القارّة الأوروبية حملة للإحتفاء باللغة العربية وتشجيع تعلّمها، وتمكين الجمهور من التحدّث بها والتفاعل معها، تحت عنوان"بلسانٍ عربي مُبين".
وقد أعلن "اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا"، أنه بادر بهذه الحملة التي سوف تستمر أسبوعين خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر، تأكيداً لمكانة اللغة العربية وأهمية تعلّمها، وذلك بما يتوافق مع مناسبة اليوم العالمي للغة العربية الذي حدّدته الأمم المتحدة، في 18 ديسمبر من كلِّ عام.
كما أوضح الاتحاد أن اللغة العربية "تتبوّأ مكانة خاصة لدى المسلمين حول العالم، فالقرآن الكريم أنزله الله تعالى بلسانٍ عربي مُبين، كما أنّه لا غنى عن تعلّم العربية لمزاولة الشعائر الإسلامية على النحو الأمثل".
وتتضمّن الحملة نشاطات ومبادرات متعددة، منها نشر ملصقات ومواد إعلامية، وإقامة ندوات ومحاضرات عن اللغة العربية، علاوة على مبادرة التحدّث بالعربية على مدار أسبوع في الحياة الأسرية وفي النطاق الاجتماعي للأفراد. ومن نشاطات الحملة تنظيم عروض لكتب عربية بأسعار تشجيعية، والتعريف بالخط العربي، وتعليم غير الناطقين بالعربية مفردات أساسية وجُمَل حوارية البسيطة باللغة العربية، علاوة على تنظيم نشاطات لغوية خاصّة بالأطفال.

الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

نحن أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا



إن الله سبحانه قال لعيسى بن مريم: إني باعث بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا، ولا حلم ولا علم قال: يا رب كيف هذا ولا حلم ولا علم؟ قال: أعطيهم من حلمي وعلمي " مسند البزار " من حديث أبي الدرداء مرفوعا..  أحمد (6/450) .
 


الاثنين، 10 ديسمبر 2012

سألني إبني ..وحاولت أن أجيب ... فهل أصبت في الإجابة ؟؟؟



جلس الأبن ذو العشر سنوات بجانب والدته
- وسألها ماما ما الفرق بين اليهودية والمسيحية والإسلام ؟؟؟ 
وما الفرق بين التوراة والإنجيل والقرآن ؟؟؟ 
وماذا كان يسمى الدين قبل اليهودية ؟؟؟
وإذا كانت الكتب الثلاثة واحدة فلماذا ارسل الله ثلاثة كتب ولم يرسل كتابا واحدا؟؟؟ 
ولماذا لن يكون هناك كتابا بعد القرآن؟؟؟

- دهشت الأم من سؤال إبنها و لكن حيرتها كانت أكبر ...كيف تستطيع أن تشرح له وتبين هذه الفروق الدقيقة؟ 

جمعت الأم شتات فكرها ثم بدأت ترد على تساؤلات ابنها. 

وقالت يابني أما السؤال الأول
ما الفرق بين اليهودية والمسيحية والإسلام ؟؟؟ 

إن الدين كله واحد وهو الإسلام منذ سيدنا آدم ، وحتى قبل أن يرسل الله سيدنا عيسى عليه السلام كان اي نبي يُبعث برسالة إسمها الإسلام .. ولكن عندما أرسل الله سيدنا عيسى عليه السلام إلى الناس ليرشدهم إلى الله عزوجل (بلغة الطفل قالت له والدته يعلمهم أنه هناك إله وانه يجب أن يطيعوه ويعلمهم الصلاة والصوم ). قام اتباع سيدنا موسى عليه السلام - وكانوا من بني إسرائيل - برفض إتباع سيدنا عيسى عليه السلام وقالوا أنهم يهود ورددوا "هدنا إلى الله" اي هادوا إلى الله ولم يستمعوا لكلام سيدنا عيسى عليه السلام. 

ثم عندما أرسل الله سيدنا محمد وبعثه للبشر ليرشدهم إلى الله رفض بعض النصارى الدخول في الإسلام واتبعوا المسيحية وقالوا أنهم أتباع سيدنا عيسى عليه السلام 
ومن حينها والأديان ثلاثة إما يهودية أو مسيحية أو إسلام.

والإجابة على سؤال 
الفرق بين التوراة والإنجيل والقرآن ؟؟؟ 

في الأصل لا يوجد فرق بين ما جاء به سيدنا موسى وما جاء به سيدنا عيسى وما جاء به سيدنا محمد عليهم جميعا صلوات الله وسلامه 
ولكن اتباع سيدنا موسى واتباع سيدنا عيسى عليهم السلام غيرو وبدلوا في كتبهم.

 إن حقيقة الكتب السماوية الثلاثة الأصلية (الغير محرفة) واحدة في الأمر بحب الله عزوجل و الامر بالصلاة والصيام وعمل الخير والبعد عن الشر..
وقالت له ان التوراة كان فيها أحكام تناسب الناس حينها والانجيل كذلك
واخبرته ان التوراه الصحيحة والانجيل الصحيح لا يوجد فرق بينهم وبين القرآن في ان الله عزوجل واحد أحد وتأمر بالخير وتنهى عن الشر.

ولكن حدث تحريف في التوراة والانجيل .وأتى هذا التحريف لأسباب
1- ان بعض الاحبار غيروا في التوراة وبدلوا فيها 
2- ان الانجيل مثلا كتب بعد موت آخر حواري من حواري سيدنا عيسى بأربعين عاما على أقل تقدير 
3- انه يوجد رجل في المسيحية اسمه بولس الرسول كان في الاصل يهوديا ثم دخل المسيحية ليغير فيها تبعا لما يحب ويرضي عنه الناس.


والإجابة عن سؤال
 وماذا كان يسمى الدين قبل اليهودية ؟؟؟
قالت له كان الدين كله يسمى الإسلام 

أما الإجابة عن سؤال
وإذا كانت الكتب الثلاثة واحدة فلماذا ارسل الله ثلاثة كتب ولم يرسل كتابا واحدا؟؟؟

قالت له ان اليهودية صحيح كانت تدعوهم إلى الله ومحبته والى الصلاة والصيام .ولكن كانت طريقة صلاتهم وصيامهم مختلفة 

والمسيحية أيضا كانت تدعوا الناس إلى حب الله وتدعوهم ان يصلوا ويصوموا ولكن بطريقة تختلف عن ما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

واخبرته ان من يقرأ التوراة الصحيحة يجد ان الانجيل يكملها ومن يقرأ التوراة الصحيحة والانجيل الصحيح يجد ان القرآن يكملهم وهو المتمم لهما.

اخبرته اننا لابد ان نؤمن بالتوراة والانجيل الصحيحين ونؤمن بسيدنا موسى وسيدنا عيسى ونحبهم ونحب ان نكون معهم في الجنة 

اخبرته ان الكتب السماوية المعروفة لنا اربعة وليست ثلاثة هي 
1- الزبور وأنزله الله عزوجل على سيدنا داود عليه السلام 
2- التوراة وانزلها الله عزوجل على سيدناموسى عليه السلام
3- الانجيل وانزله الله عزوجل على سيدنا عيسى عليه السلام 
4- القرآن الكريم وأنزله الله على سيدنا محمد عليه وعلى كل الرسل افضل الصلاة واتم التسليم 

سألها طفلها ولماذا لن يكون هناك كتابا آخر بعد القرآن ؟؟
اخبرته ان الله عزوجل حفظ القرآن من التحريف والتبديل ولذلك لن نكون في حاجة لكتاب جديد وأنه صالح لكل زمان ومكان.

ذكرت له كيف ان الاسلام كرًم السيدة مريم العذراء وجعل لها سورة بإسمها وان الله عزوجل يغضب على من يقول عنها كلام سيئ هي او اي رسول او نبي.
تركها إبنها وانصرف. وظلت هي تفكر ما الذي جعل طفل في هذا العمر يسأل هذه الاسئلة هل ما يسمع عنه ويشاهده من اخبار عن فلسطين وغزة واليهود .؟؟؟ قد يكون هذا إحدى الأسباب؟ ظلت تفكر هل اعطته الاجابة الشافية اما انه سيعود ليفاجئها من جديد بأسئلة اخرى من كلامها ؟؟؟

ما طمأنها أنها ظلت تحكي معه حوار طويل ذكرت لكم ملخص له حتى تركها هو ليلعب مع أخيه. حفظ الله ابناءنا.  

الأحد، 9 ديسمبر 2012

أهم الأحداث قبل مولد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قصة أصحاب الفيل 2



قصة أصحاب الفيل وذلك أن ( أبرهة بنى القليس بصنعاء ، وهي كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض ، وكان نصرانيا ، ثم كتب إلى النجاشي إني قد بنيت لك [ ص: 169 ] أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب فلما تحدث العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي ، غضب رجل من النسأة ، فخرج حتى أتى الكنيسة ، فقعد فيها - أي أحدث - ثم خرج فلحق بأرضه ; فأخبر بذلك أبرهة ، فقال : من صنع هذا ؟ فقيل : صنعه رجل من أهل هذا البيت ، الذي تحج إليه العرب بمكة ، لما سمع قولك : ( أصرف إليها حج العرب ) غضب ، فجاء فقعد فيها . أي أنها ليست لذلك بأهل . فغضب عند ذلك أبرهة ، وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ، وبعث رجلا كان عنده إلىبني كنانة يدعوهم إلى حج تلك الكنيسة ; فقتلت بنو كنانة ذلك الرجل ; فزاد أبرهة ذلك غضبا وحنقا ، ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ، ثم سار وخرج معه بالفيل ; وسمعت بذلك العرب ، فأعظموه وفظعوا به ، ورأوا جهاده حقا عليهم ، حين سمعوا أنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام . فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم ، يقال له ذو نفر ، فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة ، وجهاده عن بيت الله الحرام ، وما يريد من هدمه وإخرابه ; فأجابه من أجابه إلى ذلك ، ثم عرض له فقاتله ، فهزم ذو نفر وأصحابه ، وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيرا ; فلما أراد قتله قال له ذو نفر أيها الملك لا تقتلني ، فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي ; فتركه من القتل ، وحبسه عنده في وثاق ، وكان أبرهة رجلا حليما . ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك ، يريد ما خرج له ، حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلتي خثعم شهرانوناهس ، ومن تبعه من قبائل العرب ; فقاتله فهزمه أبرهة ، وأخذ له نفيل أسيرا ; فأتي به ، فلما هم بقتله قال له نفيل أيها الملك لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي لك على قبيلتي خثعم شهران وناهس ، بالسمع والطاعة ; فخلى سبيله . وخرج به معه يدله ، حتى إذا مربالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف ، فقالوا له : أيها الملك ، إنما نحن عبيدك ; سامعون لك مطيعون ، ليس عندنا لك خلاف ، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد - يعنون اللات - إنما تريد البيت الذي بمكة ، نحن نبعث معك من يدلك عليه ; فتجاوز عنهم . وبعثوا معه أبا رغال ،حتى أنزله المغمس فلما أنزله به مات أبو رغال هناك ، فرجمت قبره العرب ; فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمس ، وفيه يقول الشاعر : 

وأرجم قبره في كل عام كرجم الناس قبر أبي رغال
[ ص: 170 ] فلما نزل أبرهة بالمغمس ، بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود على خيل له ، حتى انتهى إلى مكة فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم ، وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم ، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها ; فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بذلك الحرم بقتاله ; ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به ، فتركوا ذلك . وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة ، وقال له : سل عن سيد هذا البلد وشريفهم ، ثم قل له : إن الملك يقول : إني لم آت لحربكم ، إنما جئت لهدم هذا البيت ، فإن لم تعرضوا لي بحرب ، فلا حاجة لي بدمائكم ; فإن هو لم يرد حربي فأتني به . فلما دخل حناطة مكة ، سأل عن سيد قريش وشريفها ; فقيل له : عبد المطلب بن هاشم ; فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة ; فقال له عبد المطلب والله ما نريد حربه ، وما لنا بذلك منه طاقة ، هذا بيت الله الحرام ، وبيت خليله إبراهيم عليه السلام - ، أو كما قال ، فإن يمنعه منه فهو حرمه وبيته ، وإن يحل بينه وبينه ، فوالله ما عندنا دفع عنه . فقال له حناطة فانطلق إليه ، فإنه قد أمرني أن آتيه بك ; فانطلق معه عبد المطلب ،ومعه بعض بنيه ، حتى أتى العسكر ; فسأل عن ذي نفر ، وكان صديقا له ، حتى دخل عليه وهو في محبسه ، فقال له : يا ذا نفر ، هل عندك من غناء فيما نزل بنا ؟ فقال له ذو نفر ; وما غناء رجل أسير بيدي ملك ، ينتظر أن يقتله غدوا وعشيا ما عندي غناء في شيء مما نزل بك ، إلا أن أنيسا سائس الفيل صديق لي ، فسأرسل إليه ، وأوصيه بك ، وأعظم عليه حقك ، وأسأله أن يستأذن لك على الملك ، فتكلمه بما بدا لك ، ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك ; فقال حسبي . فبعث ذو نفر إلى أنيس ، فقال له : إن عبد المطلب سيد قريش ، وصاحب عين مكة ، ويطعم الناس بالسهل ، والوحوش في رءوس الجبال ، وقد أصاب له الملك مائتي بعير ، فاستأذن له عليه ، وانفعه عنده بما استطعت ; فقال : أفعل . فكلم أنيس أبرهة ، فقال له : أيها الملك ، هذا سيد قريش ببابك ، يستأذن عليك ، وهو صاحب عين مكة ، يطعم الناس بالسهل ، والوحوش في رءوس الجبال ; فأذن له عليك ، فيكلمك في حاجته . قال : فأذن له أبرهة 

وكان عبد المطلب أوسم الناس ، وأعظمهم وأجملهم ، فلما رآه أبرهة أجله ، وأعظمه عن أن يجلسه تحته ; فنزل أبرهة عن سريره ، فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه . ثم قال لترجمانه : قل له : حاجتك ؟ فقال له ذلك الترجمان ، فقال : حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي . فلما قال له ذلك ، قال أبرهة لترجمانه : قل له لقد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتا [ ص: 171 ] هو دينك ودين آبائك ، قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه . قال له عبد المطلب إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت ربا سيمنعه . قال : ما كان ليمتنع مني قال أنت وذاك . فرد عليه إبله . وانصرف عبد المطلب إلى قريش ، فأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في شعف الجبال والشعاب ، تخوفا عليهم معرة الجيش . ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش ، يدعون الله ويستنصرونه علىأبرهة وجنده ، فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة 

لا هم إن العبد يمنع     رحله فامنع حلالك 
لا يغلبن صليبهم     ومحالهم عدوا محالك 
إن يدخلوا البلد الحرام     فأمر ما بدا لك 
يقول : أي شيء ما بدا لك ، لم تكن تفعله بنا . والحلال : جمع حل . والمحال : القوة وقيل : إن عبد المطلب لما أخذ بحلقة باب الكعبة قال : 

يا رب لا أرجو لهم سواكا     يا رب فامنع منهم حماكا 
إن عدو البيت من عاداكا     إنهم لن يقهروا قواكا 
وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي 

لا هم أخز الأسود بن مقصود     الأخذ الهجمة فيها التقليد 
بين حراء وثبير فالبيد     يحبسها وهي أولات التطريد 
فضمها إلى طماطم سود     قد أجمعوا ألا يكون معبود 
ويهدموا البيت الحرام المعمود     والمروتين والمشاعر السود 

أخفره يا رب وأنت محمود
قال ابن إسحاق ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة ، ثم انطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال ، فتحرزوا فيها ، ينتظرون ما أبرهةفاعل بمكة إذا دخلها . فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة ، وهيأ فيله ، وعبأ جيشه ، وكان اسم الفيل محمودا ، وأبرهة مجمع لهدم البيت ، ثم الانصراف إلى اليمن ، فلما وجهوا الفيل إلى مكة ، أقبل نفيل بن حبيب ، حتى قام إلى جنب الفيل ، ثم أخذ بأذنه فقال له : ابرك محمود ، وارجع راشدا من حيث جئت ، فإنك [ ص: 172 ] في بلد الله الحرام ثم أرسل أذنه ، فبرك الفيل . وخرج نفيل بن حبيب يشتد ، حتى أصعد في الجبل . وضربوا الفيل ليقوم فأبى ، فضربوا في رأسه بالطبرزين ليقوم فأبى ; فأدخلوا محاجن لهم في مراقه ، فبزغوه بها ليقوم ، فأبى ، فوجهوه راجعا إلى اليمن ، فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ، ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى المشرق ، ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى مكة فبرك . وأرسل الله عليهم طيرا من البحر ، أمثال الخطاطيف والبلسان ، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار : حجر في منقاره ، وحجران في رجليه ، أمثال الحمص والعدس ، لا تصيب منهم أحدا إلا هلك ; وليس كلهم أصابت . وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق التي جاءوا منها ، ويسألون عن نفيل بن حبيب ; ليدلهم على الطريق إلى اليمن فقالنفيل بن حبيب حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته : 

أين المفر والإله الطالب     والأشرم المغلوب ليس الغالب 
وقال أيضا : 

حمدت الله إذ أبصرت طيرا     وخفت حجارة تلقى علينا 
فكل القوم يسأل عن نفيل     كأن علي للحبشان دينا 
فخرجوا يتساقطون بكل طريق ، ويهلكون بكل مهلك على كل سهل ، وأصيب أبرهة في جسده ، وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة ، كلما سقطت منه أنملة أتبعتها منه مدة تمث قيحا ودما ; حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر ، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون .