الاثنين، 14 يناير 2013

شهادة الواقع على صدق نبوة الرسول



يشهد الواقع قديمًا وحديثًا أن الدين الإسلامي أسرع الديانات نموًّا في العالم؛ فمنذ أكثر من 1400 سنة بدأ رسول الله محمد  الدعوة إلى الإسلام، ولم يؤمن معه إلاَّ قِلَّة، ثم مَرَّت الأيام والأعوام، وقد وصل الإسلام اليوم إلى كل بقعة من بقاع الأرض.
والتاريخ يشهد شهادة صدق على انتشار هذا الدين، وإيمان شعوب الأرض المختلفة به، سواء كانت مهزومة أو منتصرة في معاركها مع معتنقيه، وهذا من أعجب المواقف التي حَيَّرَت العلماء والمفكرين، وما إسلام التتار عَنَّا ببعيد! ذلك الشعب الذي دخل بلاد المسلمين مبيدًا لأهلها، ولكن هزيمته في معركة عين جالوت عام (658هـ/1260م) جعلته يُفَكِّر في طبيعة هذا الدين، ويدركها عن قُرب، فآمن أغلبهم، وتَحَوَّلوا إلى مدافعين عن الإسلام، حامين لعرينه من المعتدين.
فداعية الإسلام الأكبر هو الإسلام نفسه؛ حيث تضمَّنَتْ عقيدته وشريعته من الفضائل ما يجعل الناس يحرصون أشدَّ الحرص على أن يدخلوا فيها، ثم إن الإسلام يعطي الداخل فيه كل شيء، ولا ينتقصه شيئًا؛ فإن الإنسان يكسب الصِّلَة المباشرة بالله I، ويجد الطريق إليه، فيقف بين يديه خمس مرات في اليوم، ويدعوه دون حجاب، ويكسب الأمل في حياة أسعد وأرغد في هذه الحياة الدنيا، ثم حياة الخلود في دار البقاء، ولا يُكَلِّفُه ذلك إلاَّ النطق بالشهادتين، واتِّبَاع شريعة الإسلام.

انتشار الإسلام

وإنك لتتعجَّب عندما تنظر إلى خريطة الأرض، وتتأمَّل مدى انتشار الإسلام، ويزداد عجبك عندما تتبين أن الإسلام قد ملأ قلوب معتنقيه دون جيش مُنَظَّم، أو سياسة مرسومة لذلك! إنما هو الإسلام نفسه، جعله الله خفيفًا على القلوب، قريبًا إلى النفوس، ما تكاد كلمة الحق تُصافح أُذُنَ الرجل حتى يصل الإيمانُ إلى قلبه، فإذا استقرَّ في قلبه لم يكن هناك قَطُّ سبيل إلى إخراجه منه[1].
ولعلَّ أكبر أسباب خِفَّة الإسلام على القلوب هو وضوحه وصدقه؛ لذلك انبهر علماء الغرب بطبيعته، حتى إن المؤرخ والفيلسوف الاجتماعي الفرنسي الشهير غوستاف لوبون يقول عن يُسْرِ الإسلام: "ولا شيء أكثر وضوحًا، وأقلَّ غموضًا من أصول الإسلام القائلة بوجود إله واحد، وبمساواة جميع الناس أمام الله، وببضعةِ فروضٍ يدخلُ الجنةَ مَنْ يقوم بها، ويدخل النار من يُعْرِض عنها، وإنك إذا ما اجتمعتَ بأي مسلم من أية طبقة رأيتَه يعرف ما يجب عليه أن يعتقده، ويسرد لك أصول الإسلام في بضع كلمات بسهولة، وهو بذلك على عكس النصراني الذي لا يستطيع حديثًا عن التثليث والاستحالة، وما ماثلهما من الغوامض، من غير أن يكون من علماء اللاهوت الواقفين على دقائق الجدل! وساعد وضوح الإسلام البالغ ما أمر به من العدل والإحسان، كل المساعدة على انتشاره في العالم"[2].

إحصائيات حول انتشار الإسلام

لننظر إلى عالم اليوم حيث نجد أكثر من 4200 ديانة في العالم[3]! ولكن الإحصائيات تدلُّ على أن الدين الإسلامي هو الأسرع انتشارًا بين جميع تلك الأديان؛ ففي عام (1900م) بلغت نسبة المسلمين في العالم 12.4 %، أمَّا المسيحية فقد بلغت نسبتها 26.9 %، وفي عام (1980م) بلغت نسبة المسلمين في العالم 16.5 %، أمَّا المسيحية فقد بلغت نسبتها 30 %، وفي عام (2000م) بلغت نسبة المسلمين في العالم 19.2 %، أمَّا المسيحية فقد بلغت نسبتها 29.9 %[4]. وقد أقرت بذلك الموسوعة المسيحية العالمية طبقًا لأحدث طبعة لها، حيث لاحظت ارتفاع عدد المسلمين من مجموع سكان العالم بنسبة تقرب من 7 % خلال القرن الماضي، بينما تراجعت نسبة المسيحيين.
وأكدت الموسوعة ذاتها أيضًا أن نسبة المسلمين من مجموع سكان العالم ارتفعت إلى 19.6 %، أي ما يقارب 1.3 مليار مسلم[5].
أمَّا تَوَقُّعَات المراقبين في عام (2025م) بأنه سوف تبلغ نسبة المسلمين في العالم 30%، أمَّا المسيحية فستكون نسبتها 25%، فبالوقوف على هذه النتائج نستنتج أن الإسلام ينمو كل سنة بنسبة 2.9%، وهذه أعلى نسبة للنمو في العالم[6].

الإسلام في البلاد الغربية

وإذا أمعنا النظر أكثر في بعض البلاد الغربية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وأمريكا وغيرها، سنتأكَّد من هذه الحقيقة التي تدلُّ على أن الإسلامَ دينُ الفطرة الإنسانية التي ما إنْ يَعْرِف حقيقتَه أيُّ إنسان على ظهر الأرض إلاَّ اعتنقه عن اقتناع وحُبٍّ؛ فقد كشفت دراسة أعدَّتْهَا وزارة الداخلية الفرنسية أن 3600 شخص يعتنقون الإسلام سنويًّا في فرنسا[7].
كما أَكَّدَت وزيرة الداخلية البريطانية جاكي سميث أن عدد المسلمين بالمملكة المتحدة في الوقت الراهن عام 2007م قد وصل إلى مليوني شخص، مقارنة بـ(1.6) مليون عام (2001م)، وذلك بزيادة قدرها 400 ألف في أقل من سبعة أعوام. وأشارت صحيفة (ذا جارديان) إلى أن الأرقام الجديدة أَكَّدَتْ على مكانة الإسلام، وأنه يُعَدُّ ثاني أكبر ديانة في البلاد بعد المسيحية؛ حيث بات المسلمون يشكلون الآن 3.3% من سكان بريطانيا، موضحة أن الإسلام أصبح أسرع الديانات انتشارًا في المملكة[8].
كما أشارت عملية مسح حديثة صادرة عن مركز الأبحاث الاجتماعية في جامعة جورجيا الأمريكية إلى أن الدين الإسلامي أسرع الأديان انتشارًا في الولايات المتحدة؛ حيث بلغ عدد المساجد في أمريكا أكثر 1209 مساجد، بُني أكثر من نصفها خلال السنوات العشرين الماضية، كما تتراوح نسبة الذين تَحَوَّلُوا إلى الديانة الإسلامية خلال السنوات العشر الماضية ما بين 17 و30 %[9].
أمَّا في ألمانيا فيعيش أكثر من 3,3 مليون مسلم، ويُشَكِّلُون حوالي 4% من مجمل السكان، ويَصِلُ عدد المساجد هناك إلى ما يقرب من 3000 مسجد وصالة للصلاة[10].
كما بيَّن استطلاع للرأي نشرته صحيفة "ليبر بلجيك" البلجيكية أن المسلمين سوف يكونون غالبية سكان مدينة بروكسل -التي تعتبر عاصمة رسمية للاتحاد الأوربي- بعد عشرين عامًا. وثمة دليل آخر على صحة هذه التوقعات، وهو أن محمدًا هو الاسم الأكثر انتشارًا بين المواليد الجدد في بروكسل منذ عام 2001م. كما ذكرت صحيفة "روسيسكايا جازيتا" أن عدد المسلمين في بلجيكا تضاعف على وجه التقريب خلال عشرة أعوام منذ عام 1995م ليبلغ 450 ألف شخص في عام 2005م، عندما بلغ مجموع السكان في هذا البلد 10 ملايين شخص[11].
هذا هو الإسلام عبر التاريخ ينتشر بسلاسة وحيوية؛ لأنه دين الفطرة السليمة، فما أروع ذلك من دليلٍ على صدق نبينا ! وما قدمناه من شهادات واضحة تدل على صدق نبوته  وكمال رسالته، إنما ينطلق من قناعتنا بأن محمدًا قدم للعالم أجمع رسالة يملؤها الحب والتعاون والخير.
وما أجمل أن نختم بقوله  الذي تنبأ فيه بانتشار الإسلام في ربوع الأرض، فقال : "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ[12] إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ، وَذُلاًّ يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ"[13].
د. راغب السرجاني

[1] حسين مؤنس: الإسلام الفاتح، ص20-24 بتصرف.
[2] غوستاف لوبون: حضارة العرب ص125.
[4] Sato Tsugitaka, Muslim Societies, Routledge,UK, 2004.
[5] موقع وكالة الأخبار الإسلامية (نبأ) http://www.islamicnews.net، وموقع جريدة الشرق الأوسطhttp://www.asharqalawsat.com.
[6] Sato Tsugitaka, Muslim Societies, Routledge,UK, 2004.
[7] موقع إسلام تايم: http://www.islamtime.net/.
[8] الموقع السابق نفسه
[9] موقع لواء الشريعة: http://www.shareah.com.
[10] موقع مجلة ألمانيا: http://www.magazine-deutschland.de.
[11] موقع وكالة الروسية نوفوستي: http://ar.rian.ru/analytics.
[12] بيوت الوَبَرِ والمَدَرِ أَي: بيوت البوادي والمُدْنِ والقُرى، وهو من وَبَرِ الإِبل؛ لأَن بيوتهم يتخذونها منه، والمَدَرُ جمع مَدَرَة وهي البِنْيَةُ، وقِطَعُ الطين اليابس. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة وبر 5/271.
[13] أحمد (16998)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط مسلم. والحاكم (8326) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وقال الألباني: صحيح. انظر: السلسة الصحيحة (3).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق